خاص | فحوى رسائل نقلها الأعرجي من بغداد إلى طهران
قال عضوان في البرلمان العراقي، اليوم الثلاثاء، لـ"العربي الجديد"، إن رسائل عديدة أوصلها مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي إلى الإيرانيين في زيارته إلى طهران، أبرزها قرار العراق البقاء خارج دائرة أي حرب محتملة بين إيران والاحتلال الإسرائيلي، أو إيران والولايات المتحدة، وأكدا وجود خشية عراقية من جرّ البلاد إلى الحرب، بسبب النشاطات العسكرية للفصائل المسلحة القريبة من إيران.
وأجرى الأعرجي مباحثات مكثفة في طهران، منذ يوم الأحد الماضي، شملت كلا من وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، والأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان، وقائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، وقائد فيلق القدس إسماعيل قاآني، بشأن احتمالات اتساع دائرة الحرب في المنطقة، وإمكانية الهجوم الإيراني على إسرائيل وتبعات ذلك، واستخدام الأجواء العراقية، وسط بحث عن حلول لتطورات الأوضاع في المنطقة، واستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان.
وقال الأعرجي في منشور له عبر منصة إكس، اليوم: "اختتمنا زيارتنا الرسمية إلى طهران، التي عقدنا فيها اجتماعات مثمرة، حيث جددنا موقف العراق الثابت والمبدئي برفض استخدام الأراضي والأجواء العراقية، من قبل أي طرف كان، للاعتداء على دول الجوار والمنطقة، فضلاً عن ضرورة حفظ الحدود ومنع عمليات التهريب ومحاربة مافيات المخدرات، كما شددنا على أهمية التنسيق والتعاون المشترك لزيادة الضغط الدولي من أجل إيقاف الحرب على غزة ولبنان، والعمل على تهدئة الأوضاع ومنع التصعيد حفاظاً على الأمن والاستقرار العالمي".
اختتمنا زيارتنا الرسمية إلى طهران، التي عقدنا فيها اجتماعات مثمرة مع وزير الخارجية الإيراني السيد عباس عراقچي، والأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني الدكتور علي أكبر أحمديان، وقائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، وقائد فيلق القدس الجنرال إسماعيل قاآني، حيث جددنا موقف…
— قاسم الاعرجي (@qassimalaraji) November 12, 2024
وقال عضو تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق، عبد الرحمن الجزائري، لـ"العربي الجديد"، إن الأعرجي أوصل رسائل مختلفة للإيرانيين في زيارته، منها ما يرتبط بالوضع الحالي في المنطقة ونذر اتساع الحرب، مضيفاً أن "الأعرجي نقل رسالة الحكومة العراقية للجانب الإيراني، تتضمن موقف العراق بأن يكون بعيداً عن الحرب في المنطقة، وهذا الأمر أوصله الأعرجي بشكل واضح إلى المسؤولين الإيرانيين".
وبيّن الجزائري أن "بغداد لديها اتفاقيات خاصة مع واشنطن على المستوى الأمني والعسكري، وعلى أثر ذلك هناك قواعد يوجد فيها جنود من القوات الأميركية، والأعرجي طلب من طهران عدم المساس بأي اتفاقية تخص العراق وأميركا، وعدم تعرض تلك القوات لأي هجوم من قبل إيران كونها تقع ضمن الأراضي العراقية"، موضحاً أن "العراق طلب بشكل رسمي ألا يكون جزءاً من الصراع، كما طلب بشكل واضح من إيران الضغط على الفصائل المسلحة في العراق أن تُبعد العراق عن الحرب، كما هناك ضغط من قبل الحكومة العراقية على تلك الفصائل للالتزام بمواقف الدولة وألا تجر العراق إلى أي حرب عواقبها كبيرة وخطيرة، وهذا الأمر نفسه أبلغ به الأعرجي المسؤولين في طهران".
وختم بالقول إن "العراق أراد من خلال زيارة مستشار الأمن القومي لطهران إبعاد مخاطر الحرب عنه، خاصة في ظل وجود تهديد إسرائيلي باستهدافه، والتغيير في الإدارة الأميركية يشكل خطورة أكبر على العراق خلال المرحلة المقبلة على مختلف الأصعدة، ولا نعتقد أن هذه الزيارة سوف تبعد الخطورة عن العراق بشكل نهائي".
من جهته، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، ياسر وتوت، لـ"العربي الجديد"، إن زيارة الأعرجي إلى طهران تضمنت مواقف رسمية للعراق جرى إبلاغ الإيرانيين بها، مضيفا أن "رسائل الحكومة العراقية إلى إيران تتمثل برفض استخدام الأراضي العراقية في أي هجوم تنوي القيام به ضد إسرائيل، وكذلك تأكيد موقف العراق الرافض أن يكون منطلقاً للاعتداء على الجمهورية الإسلامية".
وبيّن وتوت أن "زيارة الأعرجي بهذا التوقيت تؤكد مدى شعور الحكومة العراقية بالمسؤولية من خطورة ما يجري في المنطقة، والخشية من جرّ العراق إلى هذه الحرب، خاصة في ظل تهديدات إسرائيلية، مع استمرار عمليات الفصائل العراقية ضد الكيان بشكل يومي، والتي قد تكون مبرراً لأي هجوم صهيوني خلال المرحلة المقبلة". وأضاف أن "العراق قادر على لعب دور التهدئة والوساطة في المنطقة، لما يمتلكه من علاقات جيدة مع دول المنطقة كافة، وكذلك الولايات المتحدة الأميركية، وزيارة الأعرجي ربما تحمل رسالة تهدئة ووساطات غير معلنة، وهذا ما سوف تكشفه الأيام القليلة القادمة".
في المقابل، قال الباحث في الشأن السياسي، مجاشع التميمي، لـ"العربي الجديد"، إن "زيارة مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي إلى طهران جاءت لنقل رسائل مختلفة تتعلق بالأوضاع في المنطقة، خاصة وهو يتمتع بعلاقات جيدة مع أغلب دول المنطقة العربية، وكذلك إيران، وحتى الولايات المتحدة الأميركية". وأضاف التميمي: "أعتقد أن الأعرجي حمل شيئا رسميا من الحكومة العراقية إلى إيران، على اعتبار أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يقوم بمهمة وساطات في قضايا عالقة، ومنها تهدئة بين الفصائل العراقية والجانب الأميركي، بمباركة الإطار التنسيقي الحاكم في العراق حالياً".
وأردف: "إيران لا ترغب في التصعيد أو اتساع دائرة الحرب في المنطقة، فضلا عن الجانب الأميركي الذي يريد حصر الصراع في غزة ولبنان، كما أنه من مصلحة العراق الابتعاد عن هذا الصراع الذي لا طاقة للدولة العراقية بالدخول فيه، وهذا ما أكده الأعرجي خلال اجتماعاته في طهران، وبيّن خطورة دخول العراق وتأثره بهذا الصراع، الذي سعى أن يكون بعيداً عنه منذ انطلاقه، لكن ما يحرج الحكومة العراقية هو تحركات الفصائل، وأكيد الأعرجي ناقش هذا الأمر مع الشخصيات الإيرانية المسؤولة لضبط تحركات تلك الفصائل لعدم جرّ البلد إلى ساحة الحرب، بشكل مباشر أو غير مباشر".
وشهدت العاصمة بغداد، الأسبوع الفائت، سلسلة من الاجتماعات السياسية والحكومية مع قيادات عسكرية وأمنية ركزت على مسألة التطورات بالمنطقة، وأهمية تجنيب العراق أي حرب أو عدوان إسرائيلي. ويأتي ذلك بعد يوم واحد من إعلان السوداني تلقيه مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قال إنها بحثت مجمل الأوضاع في المنطقة. وقد عقد المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي، الأربعاء، اجتماعاً ترأسه السوداني، بحضور وزراء الأمن والدفاع والأمن القومي ورئيس أركان الجيش وجهاز الأمن الوطني وقيادات عسكرية مختلفة، واستمر عدة ساعات.